بسم الله الرحمن الرحيم
نبدأ مدونة العريان , والتي تهتم بالحديث عن إنسان كأي إنسان، له زوجة وأبناء وأحفاد وبيت، له عمله وله حياته، ولكنَّ فكره الذي يحمله هو الذي جعله مختلفًا ولو بعض الشيء عن غيره من الناس!!
الدكتور عصام الدين محمد حسين محمد حسين العريان، الشهير بـ"عصام العريان".. رجلٌ كله طموح وأمل، كثيرًا ما ترى البسمة ترتسم على وجه المضيء، عندما يتحدث تشعر وكأن موسوعةً ثقافيةً تفجرت..
وُلد الدكتور عصام العريان في 28/4/1954م بقرية ناهيا مركز إمبابة بمحافظة الجيزة، ومثل جميع الأطفال التحق بالتعليم الابتدائي بمدرسة ناهيا الابتدائية للبنين، وأتمَّ هذه المرحلة بمجموع 94% ثم أكمل دراسته وأتمَّ التعليم الإعدادي والثانوي بمدرسة الأورمان النموذجية بالدقي بمجموع 91%.
كانت علامات الذكاء والنبوغ تظهر على عصام العريان طوال فترة حياته، فما أن التحق بكلية الطب بجامعة القاهرة حتى برز تميزه في دراسته ولم يقتصر الأمر على الدراسة فحسب، بل إنه كان من أنشط زملائه في العمل الطلابي؛ إذ كان عضوًا نشطًا مؤسسًا للنشاط الإسلامي آنذاك، ليس في جامعة القاهرة وحدها بل في جامعات مصر كلها، وبعد ذلك أصبح أميرًا للجماعة الإسلامية في جامعة القاهرة ثم منسِّقًا لمجلس شورى الجامعات في الاتحاد العام للجمعيات والجماعات الإسلامية في نهاية السبعينيات والذي ترأَّسه فضيلة المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله.
كانت هذه الفترة وتلك المناصب التي تولاَّها عصام العريان كفيلةً بأن تلفت الأنظار إليه؛ حيث همَّتُه العالية ونشاطُه الفائق في فترة شبابه؛ حيث شهد له الجميع بأخلاقه العالية وفكره الوسطي البنَّاء وشدة تديُّنه وحرصه على التفوق في دراسته، حتى أصبح العريان واحدًا من النوابغ الذين لم تشهد مصر مثلهم في ذلك الوقت ولم يعد أحدٌ في جامعات مصر كلها لا يعرف من هو عصام العريان.
ومع كل نشاطاته وأعماله التي كان يقوم بها إلا أنه كان حريصًا على أن يظهر نبوغه في دراسته، فما لبث أن أنهى دراسته في كلية طب القصر العيني بجامعة القاهرة وحصوله على بكالوريوس الطب والجراحة عام 1977م بتقدير جيد جدًا، ثم حصل على ماجستير الباثولوجيا الإكلينيكية سنة 1986م بتقدير جيد جدًا من جامعة القاهرة، ثم سجَّل العريان رسالة الدكتوراه في الطب بجامعة القاهرة، لكنَّ الاعتقال الذي كُتب عليه بين الحين والحين حالَ بينه وبين إتمام رسالة الدكتوراه.
ولم يكتف العريان بدراسة الطب، بل إنه التحق بكلية الحقوق ودرس بها وحصل على ليسانس الحقوق بجامعة القاهرة عام 1992م بتقدير جيد جدًّا، ثم التحق بكلية الآداب بجامعة القاهرة قسم التاريخ، فحصل على ليسانس الآداب عام 2000م بتقدير جيد جدًا، وبعد ذلك حصل على إجازة التجويد في القرآن الكريم في عام2000 م، حتى أصبح العريان بحرًا من العلم والمعرفة والفكر والثقافة؛ حيث جمع بين الطب والحقوق، تلك الحقوق التي غُيِّب الإنسانيُّ منها في زمن غاب فيه الضمير.
جمع بين دراسة التاريخ وإجازة القرآن الكريم، تاريخ الأمة الرائدة في حضارتها، العادلة في أحكامها؛ ذلك التاريخ الذي طغى عليه أربابُ السلطان الفاسد، درس القرآن الذي يأمر بالرحمة والعدل، ولكن هيهات هيهات لقلوبٍ ختم الله عليها بظلمها وقسوتها!!
فهل يُعقل أن يُعتقل ويُضطَّهد رجلٌ مثل هذا الرجل، بفكره الإسلامي المدني النهضوي وثقافته التي تسعى من أجل تحضر الوطن وتقدمه ومدنيته.. رجل صاحب فكر يدعو إليه، ولكن منافسيه الضعفاء لا يُجيدون الحوار بالفكر والمجابهة به، ولكن يجيدون الاعتقال والحكم بالحديد والنار، يجيدون تفتيش المنازل وإرهاب الآمنين!!
التحق الدكتور عصام العريان بجماعة الإخوان المسلمين وأصبح قياديًّا ضمن صفوف الجماعة، وما لبث أن انتُخب عضوًا في مجلس الشعب المصري عن جماعة الإخوان المسلمين في الدورة البرلمانية من عام 1987 إلى عام 1990 م عن دائرة إمبابة بمحافظة الجيزة، وكان أصغر أعضاء مجلس الشعب سنًّا.
انتُخب عضوًا بمجلس إدارة نقابة أطباء مصر التي تضم120 ألف طبيب، منذ عام 1986 وحتى الآن، وشغل موقع الأمين العام المساعد طوال هذه الفترة.
شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات السياسية والبرلمانية والثقافية والفكرية في مصر والوطن العربي والعالم الإسلامي وأوروبا وأمريكا، وأسهم بعدد من أوراق البحث والتعقيبات في هذه المؤتمرات.
يكتب العريان في عدد من الصحف والمجلات المحلية والعربية في مختلف الموضوعات، خاصةً الشئون الإسلامية والسياسية المصرية والعربية، وهو عضو مؤسِّس للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان بمصر من عام1985 م، وعضو مشارك في المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وقام بتشكيل ملتقى التجمعات المهنية لمناصرة القضية الفلسطينية، كمؤسسة شعبية تهدف إلى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني.
رجل بقدر ما عليه عصام العريان كفيلٌ بأن تحتفي به أمته، وترضخ له ثقافات، وتنهل منه مراكز أبحاث، وتستفيد من علمه وفكره جامعات، لكنه في بلدٍ كل ما يهمُّ من يحكمه هو ترسيخ حكمه، تجده مضطهدًا.. محاصرًا.. ممنوعًا من السفر.. معتقلاً..
هذا عصام العريان- القيادي في جماعة الإخوان المسلمين وأحد رموز الإصلاح في العالم العربي والإسلامي- رجل لا يوجد رجل مثله في مصر كلها، ولا يوجد في هذا النظام الحاكم أحد مثله، إن أردت أن تتحدث عن السياسة فقل عنه ما شئت، إن أردت أن تتحدث عن الثقافة بمختلف فروعها- دينية واجتماعية وتاريخية- فقل عنه ما شئت، فكْر وضَّاح، يشعُّ نورًا وحضارةً.
يا نظام الاستبداد.. هؤلاء هم قادتنا، فأرونا من هم قادتكم؟!
لقد أصبحنا في بلد يُعتقل فيه المصلحون، ويُترَك المفسدون، يعتقل المعارضون ويُترَك المرتشون، يحاكَم الإصلاحيُّون أمام المحاكم العسكرية، والعملاء الخائنون أمام المحاكم المدنية يحاكمون!!
أهم ما يميز حياة الدكتور عصام العريان هو الاعتقال.. الاعتقال السياسي، في محاولات فاشلة لمحاصرة الكلمة وردْع الفكر وإسقاط الفكرة، يفعل النظام كل ما هو مشروع وغير مشروع في سبيل ذلك.
فقد اعتُقل العريان في المرة الأولى لمدة عام واحد وذلك قبيل اغتيال الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، وذلك من بداية سبتمبر لعام1981 م حتى نهاية أغسطس لعام 1982م، أما المرة الثانية فكانت لمدة خمس سنوات، وذلك وفقًا لقرارات المحاكم العسكرية التي حكمت عليه بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وإدارتها، وذلك من عام 1995 وحتى عام2000 م.
أما المرة الثالثة فكانت في عام2005 واستمرت لمدة خمسة أشهر، من شهر مايو إلى شهر أكتوبر.
وأما المرة الرابعة فكانت بسبب تضامنه مع القضاة الذين رفضوا تزوير الانتخابات النيابية، وأعلنوا أنه كان هنالك تزويرٌ قد حدث، ووجِّهت له بعض التهم، كان من أحدها تعطيل المرور، واستمر الاعتقال لمدة سبعة أشهر بدأت من شهر مايو وانتهت في شهر ديسمبر.
ولم يمكث في بيته سبعة أشهر حتى حدث الاعتقال للمرة الخامسة في 17/8/2007م، ونجهل هذه المرة المدة التي سيمكثها عصام العريان خلف قضبان السجن الحقيرة.
سبع سنوات قضاها عصام العريان في المعتقل، وهذه المرة لا نعرف كم سيمكث..
سبع سنوات من عمر داعية الإصلاح ورجل الفكر لتُحرَم منه بلده.
سبع سنوات من عمر أبٍ بات في معتقله وأبناؤه صغار، يحنُّون لأبيهم، فيبحثون عنه فلا يجدونه..
سبع سنوات فرَّقت بين البيت الواحد.. بين الزوج والزوجة.. بين الأبناء وأبيهم.. بين الابن وأهله.
حقًّا.. لا أعلم أين ذهبت الإنسانية من تلك القلوب؟! أين حقوق الإنسان التي يبحثون عنها؟ أين حرية الكلمة التي يتشدقون بها؟ هل أصبحنا في غاية اللا مبادئ واللا قيم حتى يُعتقل العريان في السنة مرتين؟ تأتي الأعياد وتمر المناسبات وهو بعيد عن بيته وأهله!! أين الإنسانية من أبنائه الذين يُحرمون من أبيهم في أسعد المناسبات؟! أين الإنسانية من أبناءٍ حُفرت في ذاكراتهم صورة السجن والسجَّان كلما اعتادوا أن يذهبوا لزيارة أبيهم.
لكن تبقى للحق كلمة، وكلمة الحق لن تسقط، وستظل مدويةً في كل العالم، ليعلم العالم أجمع أين الحق وأين الباطل!! من الصالح ومن الفاسد!! فلك كل تحية وتقدير يا عصام العريان.
هناك ٣ تعليقات:
اللهم فك أسره .. وأعده لبيته وأهله ودعوته سالما غانما
جزاكم الله خيرا
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم فك اسره
اللهم اهلك الظالمين بالظالمين
نسأل الله العظيم الكريم رب العرش الكريم أن يفك قيده وأسره وأسر كل إخوانه وأن يردهم لأهليهم سالمين غانمين
الله أمين
أخوكم
أبوعمار
إرسال تعليق